السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
دمعة طفلة..
كانت شديدة المرح تلهو هنا وهناك، هي طفلة في عمرها وفي شكلها ترتدي فستاننا مطبوع عليه كمٌ من الزهور الملونة ورديت الوجنتين ارتسمت السعادة على ملامحها لم تكن هي الوحيدة التي تلعب بل كانت مع مجموعة من الأطفال كان منظرهم في غاية الروعة ، تأملتهم لبرهة وغبطت كثيراً عالمهم هذا العالم الطفولي.. الطبيعي.. الفطري، الخالي من كل الزيف والنفاق ... انصرفت بعدها ..
بعد قليل سمعت صوت بكاء ازداد في شدة ..علمت أن صاحبة هذا الصوت هي تلك الطفلة التي أعجبت بها- سبحان الله- الآن كانت في قمة السعادة ما بالها..؟
كان بكائها يعبر ألم وحرقة نظرت إليها وإذا ملامحها قد تغيرت فوجنتيها الورديتين لم تعد كذلك ..تلون وجهها بأكمله بالحمرة وغطت على وجنتيها سيل من الدموع الملتهبة ..أخذت تتسخط وتتمتم بشكوى لم افهمها ..فقد اختلطت عبرتها بدمعتها فلم أعد افهم شيء !..ولكن في نهاية الأمر فهمت أنها قد فقدت لعبتها ..!
أخذت البسمة ترتسم على محياي حتى ضحكت متعجبة مما رأيت فقد امتلئ الدهشة تكويني !! أكل هذا الحزن من أجل لعبه قدتها!
هنا مررت بلحظة صمت ..احتوى التفكير ذهني بل أني في وقتها أصبحت مشوشة الذهن غرقت في محيط من التساؤلات، من هذه الطفلة عندما كانت سعيدة وعندما كانت حزينة.. أظهرت كل مشاعرها وعبرت عما يحتويها بدون أي تزيف ولا نفاق فقد كانت طبيعية في كل شيء لم تتكلف ولم تصطنع على النغيض فقد تعاملت نفسيا مع الموقف الذي مرت به...!
فعند سعادتها كان صدى ضحكتها يملئ الأرجاء ويغطي على ملامحها فرح سابر ويشع منها نوراً رائع وكأنها اسعد مخلوق في هذا العالم ..
وعلى العكس من كل ذلك عندما اعتراها الحزن ..صوتها الحزين المختنق عندما تشكي حالها ..بكائها الشديد المصحوب بالألم والحرقة ودموعها المنهمرة على خديها يدل على حزن قلبها ... ولسببً واهي قد أظن "فقدان لعبة !" هنا قد نختلق لها الأعذار بسبب طفولتها وبراءتها..
التفت إلى عالمنا نحن الذي نسمي أنفسنا معشر الكبار الناضجين فهل لنا قلوبا مثل تلك الطفلة ؟
فعندما أرجعت إليها لعبتها عاد الفرح يجملها مرة أخرى وكأن شيء لم يكن تغير صوتها الحزين إلى صوت مفعم بالحيوية ..لم تخادع في جملة مشاعرها تشكلت تلك الخطوط الحمراء لقلبها فلم تتعداها ولكن ما بال حالنا اليوم!
فعند الفرح قد نجامل وكذلك الحزن بعيدين عن صدق المشاعر،
ربما نصنع مرسم نظهره بأنه يحتوي على كم من الألوان الزاهية ولفراشي النظيفة ونخرجه إلى عالم يعج عجاً بالأكاذيب .. ينتج هذا المرسم لوحات من السعادة والتواضع والطيبة والخلق ..قد تبدوا كذلك ولكن عندما نتعمق داخلها قد نجد أن ذلك المرسم ما هو إلا كهف مظلم مليء بالألوان الشديدة العتمة ولفراشي الملطخة بالألوان وروائح الطلاء التي تلوث الأرجاء ..ربما يكون هذا المرسم هو نفسه القلب حجرة لا تحتوي على أبواب ولا على نوافذ.. كل من بداخلها دائم العمل لا يتوقف .. مؤبد الحركة وكيف هي حركته !
عالم مغلف بالتزييف والافتراء .. ربما أننا ليس دوماً كذلك ربما هي الظروف ما تحملنا إلى كل ذلك وربما ليس جميعنا ذلك الوجه الأسود..ربما..وربما..
ولكن يبقى السؤال.. بعد تعمقي لدموع تلك الطفلة ..
هل نحن كبار بعقولنا أم بأعمارنا ؟؟
هل من الممكن أن نرجع أطفال وأن رجعنا فهل بسذاجة تلك الطفلة، وما هو ذلك السبب فليس العودة إلى ذلك العالم بالأمر الهين ..
ولكن مع كل هذا ألا يجدر بنا أن نحسن الظن نحسن الظن بالقلب والعمل ...بمن حولنا ونختلق الأعذار لهم ؟ من زاوية لحديث رسولنا الكريم ِفيما معناه أن نضع سبعين عذرا فأن زادة فلنزد على السبعين..
ألا يجدر بنا ذلك..